مقال هذا
الأسبوع 2021/10/13 م
بقلم /
الأستاذ المدرب محمد صومي كريم الرشادي.
هذه الحياة
الدنيا تعلمنا أشياء كثيرة، أحياناً من عند أنفسنا وأحياناً مما حولنا حتى من
الحيوانات المألوفة. ونحن نملك في عقولنا الباطنة، الكثير من المعتقدات
والافتراضات السلبية التي تكون سدًّا منيعًا لنجاحنا وتقدمنا وتطورنا. وهي للأسف،
موجودة بإرادتنا أو رغما عنا. ولكي نتمكن من مهارة حذف الافتراضات السلبية، علينا
أولاً أن ندرك ونعترف أن لدينا معتقدًا سلبياً يجب التخلص منه. وأود أن أوضح هذا
الأمر بقصة واقعية معروفة ومشهورة لدى القراء :
في تجربة
علمية حقيقية، تم إحضار فيل ووضعه في حديقة الحيوانات. وقد تم تقييد هذا الفيل
الضخم بإحدى قوائمه الخلفية بحبل صغير في عمود مثبت بالأرض. وليس هناك سلاسل ولا
أقفاص.
وكان من
الملاحظ جداً أن الفيل يستطيع بكل سهولة
ويسر أن يتحرر من قيده في أي وقت يريد ولكنه لم يحاول أن يتحرر من قيده
فينطلق نحو الأمام ولكن العجب أنّ كل من
يمر بهذا الفيل ويشاهد حالته يسأل مدرب الفيل
في دهشة : لم تقف هذا الحيوان الضخم مكانه مع حبل صغير ولا يحاول أن
يتهرب... ؟ ولماذا لا يحاول أن يخطو نحو الأمام ؟ فأخذ يجيب المدرب : حينما كان
هذا الحيوان الضخم حديث الولادة وكان أصغر بكثير مما هو عليه الآن، كنا نستخدم نفس
حجم القيد الحالي لنربطه به.
وكانت هذه
القيود - في ذلك العمر - كافية لتقييده... وقد حاول مراراً أن يفك هذا الحبل
الصغير عندما كان ذا شهرٍ واحدٍ ولكنْ أدت محاولاتُه إلى الفشل ثم أخذ يكبر هذا
الحيوان، معتقدًا أنه غير قادر على فك هذه القيود والتحرر منها. فيظل على اعتقاد
أن الحبل لا يزال يقيّده.
وبعد مضي
العام، أزال المدربون تلك القيود. وراقبوا تصرفات هذا الحيوان ! ماذا يفعل بعدما
أزيل عن أقدامه الحبال ؟ ولكنه لم يحاول قط أن يتحرر منها وينطلق نحو الأمام من
مكانه. هذا الحيوان الذي يملك القوة الهائلة لرفع أوزان هائلة، يستطيع بكل سهولة
أن يتحرر من قيوده لكنه اعتقد أنه لا يستطع فعلِق مكانَه.
ما العبرة
من هذه التجربة العلمية الحقيقية ؟
نعم، لم
تكن المشكلة في الحبل الصغير الذي رُبط في قدم الفيل بل المشكلة في قلبه وأسر
فكره. فهو الذي أقعده عن الحركة من مكانه الذي هو فيه. وأبقاه حبيس سلوك مبرمج
يتحكم به، معتقدا بفكر سلبي ترسّخَ في عقله الباطن.
وهكذا نجد
كثيراً من الناس لم يزالوا مقيدين بأفكار توهمهم وخاضين في معتقدات سلبية مثبطة
بأنهم عاجزون عن تحقيق أهدافهم. ويخافون أن ينتقلوا مما هم عليه الآن. ومِثل هؤلاء
لا يمكنهم تحريرُ أنفسهم من القيود التي صنعوها بأنفسهم إلا إذا بدؤوا التغيير من
الآن.
وكما قيل :
الفشل جزء من التعلم. فلا ينبغي أبداً التخلي عن الإرادة أو الاستسلام للعجز في
مسيرة الحياة.
نعم، وهذا
الفيل حر يستطيع أن يخطو خطوة إلى الأمام وينطلق نحو الغابة ولكنه ظن أنه لن يتحرر
من تلك القيود التي في رجله. ولذا بقي على تلك الحال أعواما طويلة. وهكذا بعض
البشر يعيشون داخل دائرة واحدة. ويسمحون للمعتقدات السلبية أن تمتلكهم. ولا يريدون
أن يحذفوا من قواميسهم كلمة الفشل ويستبدلوها بمذاق التميز والنجاح. ودائماً نتذكر القول المشهور لدى المدريبن في مجال التنمية
البشرية والتطوير الذاتي "حياتك من صنع أفكارك" ، "كما تزرع
تحصد".
هناك طرق كثيرة لتحطيم هذه المعتقدات السلبية وإذابتها إلى الأبد بعد توفيق الله والاستعانة به - سبحانه وتعالى - فلا بد أن نتعلم هذه الطرق وندخل في عقلنا الباطن بعض العبارات الجميلة والمحفزة ونجري فحصًا دوريًا ومستمرا لأفكارنا ومعتقداتنا. ونصححها ونعيدها في مسارها الإيجابي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق