السؤال: في منطقتنا
شرق سريلانكا رجل يطرح مجموعة من الأسئلة بهدف التضليل والخداع من خلال إثارة
شبهات حول الإسلام، ما تأثر بأفكاره الخيالية عدد من الشباب وعوام الناس. وحاول كثير
من أهل العلم لإقناعه بتجنب نشر أفكاره المخالفة للكتاب والسنة ولم تنجح
محاولاتهم. ونرفق لكم طيه مجموعة الأسئلة الـ 35 المطروحة من قبل هذا الشخص، راجين
منكم الرد عليها وإيضاح ما التبس من الشبهات.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة
والسلام على خاتم رسل الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
قبل أن نرد
على الأسئلة الواردة في رسالتكم بالتفصيل، ينبغي التنبه إلى ما يلي :
أولاً:
أن هذه الأسئلة التي طرحها السائل كلها تتعلق بالأشراط الكبرى التي تحدث قبل قيام
الساعة بوقت قصير جداً.
وثانياً:
قسم العلماء هذه الأشراط إلى أشراط صغرى يبدأ حدوثها قبل قيام الساعة بأزمان
متطاولة وقد تحقق كثير منها، وأشراط كبرى متتالية تبدأ في الظهور واحدة تلو الأخرى
معلنة عن قرب الساعة ولم يقع منها شيء حتى الآن، ومنها ما ورد في الكتاب والسنة مفصلاً
وما ورد فيهما مجملاً.
وثالثاً: أنها
من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله ويجب التصديق بها تصديقاً جازماً على
نحو ما ورد في الكتاب والسنة، وعلى منهج الصحابة
والتابعين وتابعيهم من
الأئمة الذين يقتدى بهم.
ورابعاً:
يجب أن لا نتجاوز الضوابط الشرعية في معرفة معانيها وأخذ العبر منها على منهج أهل
السنة والجماعة الذي نُقل إلينا من لدن الصحابة ومن بعدهم من العلماء منذ أكثر من
1400 عام.
وخامساً: أن
ترويج مثل هذه الأفكار المناوئة للكتاب والسنة -بناء
على قول متكلف متخرص بما يوافق هواه- من كبائر الذنوب التي قد تؤدي إلى الكفر،
فيجب نبذ هذه الأفكار وراء ظهره.
وقد اتضح لنا
أن مجموعة الأسئلة المشار إليها في رسالتكم تمثل انحرافات المدعو عمران حسين
وتأويلاته القائمة على الظن والخيال والتي تعكس الفلسفة الأجنبية وتتعارض مع صريح
الكتاب والسنة وموقف أهل السنة والجماعة وإجماع الأمة، وانخدعت بخرافاته وأساطيره
المنتشرة على منصات الانترنت جماعة محلية ضلت في طريقها تسمي نفسها "سوبر
مسلم".
وفيما يلي بعض
مخالفاته :
1.
ادعاؤه بأن
الدجال وكذلك يأجوج ومأجوج قد خرجوا بالفعل، وأن بعض علامات الساعة الكبرى قد وقعت
وانقضت، مخالفا بذلك ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الصريحة الواضحة في دلالتها.
2.
تأويله الغريب
حول عدد من علامات الساعة الكبرى في مخالفة واضحة لما دلت عليه نصوص الكتاب
والسنة، منها الدخان: يزعم بأنه التلوث الهوائي الناتج عن انبعاث المواد
الكيميائيّة والنوويّة الضارّة، ودابة الأرض: يظن أنها "إسرائيل"
بما أنها عامل رئيسي لانتشار الإرهاب والتطرف حول العالم وسماها أيضا "وحش الأرض"،
والدجال: هو كما أسماه "مسيح الدجال الأوروبي الكافر" يقصد به
جميع الدول الكافرة والغربية، ويصف الدجال الأوروبي أيضاً بأنه "صاحب كثير من
الدجل العظيم وأدخله من الباب الخلفي على جميع البشر ومنهم المسلمون وأصبحت هذه
الشرور والبلاء جزءً من حياتهم" بما فيه -على حد زعمه- دجل وباء فيروس كورونا
الوهمي وتدجيل العبادة الوثنية البوذية (بوذا) إلى رياضة (اليوغا) إلخ، ويأجوج
ومأجوج: يحدد -وفقاً لهواه- مكانهم ومكان سد ذي القرنين ويوهم بأن ما ترتكبه
أوروبا من الظلم والفساد وكذلك حضارتهم الغربية العلمانية المعاصرة الفاسدة هما من
السمات الخاصة بيأجوج ومأجوج، ويخيل انتشارهم في الأرض بقوتهم وسيطرتهم على العالم
أجمع.
3.
رفضه عدداً من
الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والواردة في أصح كتب الحديث
النبوي الشريف وتناقلته الأمة منذ أكثر من ألف عام مثل صحيح البخاري، زاعماً بأنها
مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، والعياذ بالله.
4.
ميوله إلى
موقف الرافضة الاثني عشرية من نقص القرآن الكريم وعدم اكتماله ووقوع التحريف فيه
وردة الصحابة رضوان الله عليهم أجميعين بعد وفاة النبي صلى الله عليه إلا عدداً
قليلاً منهم، مدعياً بأن هذه الطائفة من الشيعة على عقيدة صحيحة.
وعليه، فإن
هذه الشبهات التي نحن بصدد الرد عليها اعتمد مثيروها على العقل دون النقل لإنكار
الأمور الغيبية التي لا تدرك إلا
من خلال نصوص الوحيين، مستندين بعدم إدراكهم إياها بالحواس والعلوم
الإنسانية المتطورة.
ويجب الإيمان
بجميع الأمور الغيبية القائمة على الدلائل القاطعة، فإنكارها بمجرد الظن وسوء
التأويل من غير دليل كفر وضلال، نسأل الله العافية والسلامة، وهي قضايا كونية
قدرية ستقع لا محالة، والعلم عن كيفيتها عنده تعالى فقط، ولسنا مطالبين باستخراج
تأويلات وتحليلات تتجاوز الضوابط التي حددها الشرع، والمهم أخذ العبرة والعظة من
هذه الفتنة العظيمة.
وهذه بعض
النصوص الواردة في القرآن الكريم عن علم الغيب الذي يختص به الله سبحانه وتعالى
فقط:
إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ (لقمان:34) قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (النمل:65) وَلِلَّهِ
غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ (النحل:77)، تِلْكَ مِنْ
أَنبَاءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا
قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ (هود: 49)، عَالِمُ
الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ
(الجن: 26-27)، وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ (الأنعام:59)
ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ. (البقرة: 1-3)
ويجب على
الذين يبحثون عن المعلومات عبر الانترنت أخذ الحيطة والحذر من مخاطر المؤامرات
والراديكالية المنتشرة على منصاته لكيد الإسلام والمسلمين، لا سيما عندما يبحثون
عن ضالتهم فيما يتعلق بعقائدهم ودينهم من أشخاص غرباء.
وعلى أهل
العلم والاختصاص بذل النصح والوعظ والإرشاد وتوضيح ما التبس عليهم من الشبهات مع
مراعاة اللطف والحكمة لإنقاذ إخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا من كيد الكفار
ومؤامرات الأعداء على عقائدهم ودينهم. والله تعالى أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق