في مثل هذا اليوم ٢٠٢٠/٠٤/١٠ م
انتقل إلى رحمة الله أستاذنا الكريم ومرشدنا الروحي فضيلة الشيخ / أبو الحسن شاه
الحميد المدني - رحمه الله - الذي تلقينا
العلم على يديه ونحن صغار في كلية الرشاد العربية بكولومبو.وكان خير قدوة لأبناءه
الطلاب كما كان الأنموذج الأمثل والقدوة المثالية لأهل العلم والفضل.ولم يكن
أستاذا عاديا بل كان حريصا على نجاحنا ومستقبلنا.وكان جل همومه أن تنطق ألسنتنا
اللغة العربية سليمة، صحيحة، فصيحة، خالية من الأخطاء والعيوب.وكان يكلفنا لأجل
ذلك بواجبات كثيرة.وربما يكون أسلوبه حادا في هذا الشأن.وما كان هذا التكليف
والأسلوب الحاد إلا شفقة علينا ورحمة بنا لكي نقوم على أرجلنا بأنفسنا في المستقبل.
وكان شيخنا على علم ودراية بمختلف
أساليب التدريس.ولذا كان يتفنن في الأساليب والطرق.وقد نشرت أيضا بعض مقالاته مما
يتعلق بطرائق التدريس في بعض المجلات التي تصدرها بعض المدارس الدينية
بسريلانكا.وكان شيخنا يقدم دروسه بأفضل الطرق وبمختلف الوسائل حتى لا نشعر بالتعب
والملل مهما طالت الحصة وتكون دروسه ممتلئة بالفرح والسرور والبهجة والسعادة.وكان
يتصف بالمرح والدعابة بشكل منطقي ومعقول.ويقبل عليه الطلاب دون ما حرج ويطرحون
عليه تساؤلاتهم دون تردد بالرغم من أنه كان يتشدد عليهم أحيانا بأسلوبه الحاد.ومع
ذلك هم يعرفون أنه يحبهم أكثر وأنه يبذل جهده ليل نهار لصالحهم ويصل بهم إلى
القمة.ولم يكن يحدث بينه وبينهم فجوة كبيرة بل كان معظم الطلاب يودعون أسرارهم
عنده ويخبرون له بأحوالهم الشخصية.
ويكون التعليم عنده دائما ممتعًا ومثيرًا حتى نشعر بأننا أمام جبل من
العلم وهو كذلك موهوب في أداء تدريسه.فكل يوم لديه جديد يبهر به طلابه.وأعرف بعض
زملائنا قد جمع كثيراً من أقواله في مذكراته.وكان أستاذنا يؤدي واجبه بِحُب ويوصل
الفكرة إلى قلوب الطلاب وعقولهم.وكان أستاذنا كالأب مع أبنائه.وذلك لأنه كان يراعي
الفروق الفردية بين الطلاب كما كان ينظر إليهم من جميع النواحي، النفسية
والاجتماعية والأخلاقية وغيرها.وكان يهتم بتطوير العلاقات الإيجابية المحترمة مع
طلابه وحتى بعد التخرج يسأل عنهم ويستفسر عن أحوالهم.
ومن سماته المتميزة أنه يعبر عن
سروره بطلابه وبإنجازاتهم.وذلك من خلال نبرة الصوت وتعبيرات الوجه.وله نبرة صوت يختص بها وهي
معروفة لدى جميع الطلاب.
وكان يسعى دائما لخدمة دينه وأمته.وكان منهجه في
الدعوة، البيان والوضوح مع الدعم بالحجة والبرهان.
رحمك الله يا أستاذنا
وأسكنك فسيح جناته.أنت رحلت بجسدك
ولكن ذكراك ستبقى إلى الأبد وكلماتك ترن في آذاننا حتى الآن.ومجالس طلابك الذين
كنت تدرسهم فيها ستبقى عبقة بذكرك الطيب.وبقي أستاذنا طوال حياته يجاهد في سبيل
العلم ونشره ويقوم بحقه قولاً وعملاً.ومن أهم ما تميز به أستاذنا أنه كان يلتزم
بمواعيد الدروس.وله أقوال مشهورة لدى زملائنا الطلاب.ومما تأثرت به من أقواله ( كن
صاحب قضية تعيش لها لا صاحب مهنة تتكسب منها ) وكان خير مثال لقوله.ويصدق قوله
فعله في عملية التعليم منذ أن وطأت قدماه كلية الرشاد العربية.وقد لاحظت أثناء تعلمي
وبعد تخرخي أيضا أنه لا يدخل فصلا دون تحضير مسبق له لتلك المادة التي يدرسها.ولا
أبالغ إن قلت إن كل من يدخل غرفته بعد المغرب يجده غارقاً في المطالعة ويجد حوله
الكتب والمجلات والصحف المحلية.وفوق ذلك كله يجد عنده درساً مصغرا في ما يدرسه
للطلاب.وفي الفترة الأخيرة كان يشجع كل من تلقى العلم على يديه أكثر فأكثر على
عملية التحضير وإعداد الدروس.وكان متشددا في هذه القضية وكان يقول أما التدريس
بدون مطالعة أو دون تحضير مسبق لا تجدي شيئا في نفوس الطلاب ولا في نفوس المعلمين
مهما كان المعلم أهلا للتدريس وأيا كان منصبه.ويقول إنما المطالعة نتيجة لإلمام
المعلم بالمحتوى العلمي.وكان يقول للطلاب القدامى فكروا قبل أن تدخلوا قاعة الدرس
هذه الأسئلة الثلاثة واستوعبوها جيداً لتحصلوا على الثمرة المرجوة في عمليتكم
التعليمية.
1 – ماذا سأدرس في هذه المادة ؟
2 – لماذا سأختار هذه المادة ؟
3 – كيف سأقدم هذه المادة للطلاب على النحو المطلوب ؟
وكان دائمًا مطلعًا على كل ما هو
جديد من المعلومات المفيدة، ملمًا بالتغيرات التي تحدث حوله.
وكان يتصف بالجرأة في قول الحق
والبعد عن النفاق والتملق.وكان خطيبا بارعاً لا يخاف في الله لومة لائم.ونرى ذلك
واضحاً جلياً في خطبه ومواعظه، لا يجامل أحدا ولا يتنازل عن قول الحق.
هذا، وكان يعاني معاناة شديدة منذ
فترة طويلة من مرض السكر.وظل صابراً محتسبا حتى آخر لحظاته.وتوفي الموافق 10 إبريل
2020 في عاصمة سريلانكا ( كولومبو ) عن عمر يناهز 63 عاما.وما علينا إلا أن نقول
لك " إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا بما يرضي ربنا.
اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ،
وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ
وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ
الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن
أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ
النَّارِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق