مقال هذا الأسبوع 2021/10_/19 م
بقلم
/ الأستاذ المدرب محمد صومي كريم الرشادي.
لا شك أن الوقت من أعظم النعمة التي يمتلكها الإنسان في حياته ولكن للأسف، نجد هناك أناسا كثيرين مع امتلاك هذه النعمة العظيمة يقضون حياتهم في فراغ، لا يقومون بأي عمل يفيدهم، لا في الدنيا ولا في الآخرة. ولا يعرفون أن الفراغ يفتح بابا للتفكير غير السوي. لذلك يجب على الإنسان أن يحرص على عملٍ ما، بشرط أن يكون هذا العمل عملا إيجابياً جديداً لم يألفه من قبل، أو يتعلم معلومة جديدة لم يكن يعلمها من قبل.. فيقوم بتطوير عمله باستمرار. فلا يكرس الأخطاء من دون سعيٍ لإصلاحها بل يكرر المحاولات عند الفشل مصمّماً على التعديل والإصلاح. ويجلس مع نفسه ولو لوقت قصير، يفكر ما الذي أنجز في هذا اليوم؟ وما الذي تعلم من أمور ليست عنده أي خلفية فيها؟ وهذه الأفكار الإيجابية ترفع الإنسان إلى مراقي التقدم والتطور والازدهار. ونرى حياة كلِّ من تعلّم وقرأ شيئا جديدا يومياً، أنه صار في عِداد العلماء.
وكم من الناس الذين كان المجتمع كله ينظر إليهم نظرة دونية ويسخر بهم عندما كانوا صغاراً، أصبحوا الآن بقراءتهم واكتسابهم اليومي معلومة جديدة في القمم التي لا تُطاول.
ويمكننا الاستفادة من وقت الفراغ والتخلص من إعاقة التفكير، بالحصول على معلومات جديدة عن طريق التعلم والتدريب ودورات التنمية البشرية وكذلك بالتفكير بطريقة جديدة.
وهل سألنا يوما لماذا يحقق بعض الناس كثيرا من الإنجازات على الرغم من أن المعوقات تحيط بهم من كل جانب؟ نعم، هؤلاء حققوا أهدافهم لأنهم قرؤوا يومياً وتعلموا شيئا جديدا كل يوم. وهذا التعلّمُ المستمر جعلهم سادة وقادة. ولم يعيشوا دون أهداف مرسومة في حياتهم.
وقد قرأت في كتاب ( ذاتية المدعوين ) للدكتور أحمد محمد العليمي ما يلي : ولقد كان مما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما نزل من الوحي في غار حراء بمكة المكرمة قولُه تعالى: ( اقرا باسم ربك الذي خلق... الآياتِ) وفي الوقت الذي كانت مكة فيه تعيش في ظلام الشرك والكفر وعبادة الأصنام والربا وأكل مال اليتيم والزنا والخمر والميسر إلا أن البداية كانت بطلب القراءة وهي مفتاح العلم والمعرفة.
ولقائل أن يقول ولماذا ؟
وهل النهي عن الشرك ليس بأهم من محو الأمية ؟
وهل النهي عن الزنا ليس بأهم من محو الأمية ؟
وهل ... وهل ... وهل ...؟
وجواب ذلك :
أن مفتاح الإصلاح للشخصية الإنسانية إنما هو بالعلم ومعرفة اسم الله وحده لا شريك له.
فلا يمكن لإيمان أن يوجد ويثبت إلا بالعلم. ولا يمكن لشريعة أن تقوم فتنهى عن الفساد في الأرض إلا بالعلم. ولا يمكن لأمة أن تتخلق بالأخلاق الحسنة إلا بالعلم. ولا يمكن لأمة أن ترقى وتنمو وتبدع إلا بالعلم والمعرفة ).
ونعلم جيدا من كلامه السابق أن مفتاح كل شيء هو القراءة. لذا نفرغ وقتا يسيرا من أوقاتنا لكي نتعلم شيئا جديدا كل يوم. ونخصص يومياً وقتا يسيرا للتنمية الذاتية. وإذا قضينا خمس عشرة دقيقة لتعلم لغة جديدة، كم نستفيد في مرور الأيام؟ ألا نصبح ماهرين في لغة جديدة ؟ إذن، لا ينبغي لنا أن نعتقد أننا صرنا علماء كباراً فنتوقف عن القراءة والتعلم.
وهناك سؤال أجيب عنه من قبل أهل الخبرة : متى يتوقف الإنسان عن التعلم ؟ الجواب: إذا اعتقد في نفسه الكمال. ويا أسفاه على هذا الغرور! والأشياء التي لا نعرفها، تظل أقفالا وألغازا ومخاوف مهما كانت يسيرة وسهلة ولا محالة. وخلاصة ما أريد أن أقول لنفسي خاصة وللقراء عامة أنه يجب علينا أن نحاول معرفة معلومةٍ جديدة لم نكن نعرفها من قبل، لأن المعرفة من أهم أسباب السعادة. وهذه المعرفة تفيدنا في الدارين مهما كانت تلك المعلومة يسيرة.
ما شاء الله بارك الله فيك فضيلة الشيخ
ردحذف